ya rab tastfado

بسم الله الرحمن الرحيم



المفهوم الصحيح للبدعة : لفضيلة الشيخ علي بن حسن الحلبي



أما البدعة فهي كل أمر أُحْدث في الدين لم يفعله رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، كل أمر أُحْدث أي حدث وكان بعد أن لم يكن في الدين, نقيد ذلك الحدث بالدين حتى نخرج ما يتعلق بالدنيا، لأن بعض الجهلة عندما يسمعوننا نحذّر من البدع ونبيّن السنة يتوهموا أننا نتكلم في ذلك الأمر ليشمل حتى شؤون الدنيا، فيقول إذن السيارة بدعة, إذن الكمبيوتر بدعة فهذا كله ليس من الدين، إنما هذا من الدنيا.

فالبدعة ما أحدث في الدين بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كالعقائد والعبادات وكثير من المحدثات التي يتقرب بها بعض الناس ولم يفعلها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ولا أصحابه الكرام -رضي الله عنهم-, والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول :<< من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد >>

فالبدعة على هذا النحو, وبالتالي فإن بعض أهل العلم كالعز بن عبد السلام في كتابه "القواعد" في تقسيمه للبدعة إلى الأحكام التكلفية الخمسة، الفرض والحرام والمكروه والمستحب والمباح, لم يصب السنة لأن هذا التقسيم يعارض في الصميم تلكم الكلية التي كان يكررها الرسول -عليه الصلاة والسلام-<< كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار>> ثم نحن نقول ليس كل وإنما نصف ليس كل وإنما سُدس . هذا غير صحيح.

لذلك قال ابن عمر فيما روى عنه اللالكائي وغيره بسند صحيح << كل بدعة ضلالة، وإن رآها الناس حسنة>> .

جاء رجلا إلى الإمام مالك ابن أنس قال له : " يا إمام إني أريد أن أحرم من دويرة أهلي" يريد أن يحرم بالحج من داره، من قريته، ولا يريد أن يحرم من الميقات المكاني الذي أحرم منه الرسول -عليه الصلاة والسلام-؛ قال : " أريد أن أحرم من دويرة أهلي" فقال الإمام مالك: " لا تفعل فإني أخشى عليك الفتنة " قال : " يا إمام وأي فتنة في بضعة أميال أزيدها" يعني فتنة بسبب شيء يسير، شيء صغير. وهذا يذكرني بكثير من الناس اليوم الذين إذا أنكرنا عليهم البدعة يقولون هذا شيء لا يؤثر، هذا شيء حسن، هذا شيء خير. ينظرون إليه نظرة عقلية مجردة، لا ينظرون إليه نظرة شرعية مبرهنة ومدلّلة.